دائماً ما كانت الحياة القبلية مثيرة للإهتمام أولئك الذين يعيشون في المدن. يختلف مثلاً إسلوب حياة البربر ومنهم قبيلة الطوارق اختلافاً كبيراً عن إسلوب حياة الناس في العديد من المدن.
كيف تبدو حياة هذه القبائل إذاً؟ كيف يعيش الطوارق أو بدو الصحراء؟
تشير قصص المؤرخين القدماء إلى الطوارق بسكان الصحراء زرق اللون، ويرجع ذلك إلى عادة رجال الطوارق في تغطية وجوههم بقماش أزرق اللون. وللأسف تقف هنا حدود معرفة الكثير من الناس عن حياة الطوارق.
ولذلك دعنا نتأمل المزيد عن حياة البربر هنا ونعرف كيف يعيش الطوارق.
من هم الطوارق
الطوارق قبيلة أو بالأصح مجموعة عرقية من الناس تعيش بين عدة دولة، ولا يوجد منها عدد كافي من السكان يشكل أغلبية في دولة واحدة. يطلق الطوارق على أنفسهم اسم ايموهاغ، وتعني الرجل الحر.
ويتكلم الطوارق اللغة الأمازيغية، ويكتبونها بلغة أبجدية تسمى تيفيناغ. ويعيشون عبر عدة دول في شمال أفريقيا، ليبيا وتشاد ومالي والجزائر والنيجر.
يعد الطوارق نصف رحالة في الصحراء، ويعني ذلك أنهم يرتحلون كثيراً، ولكنهم كذلك يملكون أرضاً يزرعون بها بعض المحاصيل وبيوتاً يسكنون بها.
في الماضي كان الطوارق ينقسمون إلى أولئك الذين يزرعون، والذين لا يزرعون. ويضع هذا المزارعون في المرتبة الأدنى من السلم الإجتماعي والتجار في المرتبة العليا.
ولكن كل هذا قد انتهى عندما توقفت طرق التجارة.
التاريخ القديم
عاشت قبائل البربر ومنها قبيلة الطوارق في ظروف قاسية في الصحراء لما يزيد عن ألف عام. تعرف المجتمع الحديث على الطوارق في بداية القرن الرابع عشر عندما بدأت طرق تجارة الملح بين شمال أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط تعبر من أراضيهم. عمل الطوارق في التجارة وسيطروا على طرق النقل البرية تماماً لمعرفتهم الكاملة بالصحراء.
وبعد تأسيس الدول المدنية في المنطقة في أوائل 1960 بدأت الحكومات في المنطقة في وضع قوانين تحكم التجارة لحماية اقتصاد الدول، ونتيجة لذلك بدأ الطوارق يخسرون مكانتهم السياسية والاقتصادية.
اسطورة اللثام
أكثر ما يشتهر به رجال الطوارق هو أكثر ما يثير غموض الناس، اللثام الأزرق النيلي الذي يرتديه رجال الطوارق. يبدأ رجال الطوارق في لبس لثام يغطي الوجه بأكمله عدا العينين في عمر الخامسة والعشرين ونادراً ما يخلعون هذا اللثام، حتى أمام أفراد الأسرة.
يعتقد معظم المؤرخون أن الرجال قد بدأوا في تغطية وجوههم بهذا اللثام لحمايتها من رمال الصحراء، أما لماذا أصبحت له هذه الأهمية فلا أحد يعرف على وجه التحديد، تقول إحدى التكهنات أن السبب في ذلك هو اعتقادهم أنه يجب على الرجال إخفاء جميع المشاعر وعدم إظهار تعبيرات الوجه ، خاصة أمام الغرباء.
زواج الطوارق
يكتب الرجال قصائد حب رقيقة ويحاولون استمالة قلب المرأة بعدة طرق مختلفة، وعلى الأغلب يرجع ذلك إلى أن القرار النهائي في الزواج يعود إلى المرأة نفسها.
وعندما توافق المرأة على الزواج يبدأ التحضير للزفاف، وهو مناسبة تستغرق اسبوعاً كاملاً من الاحتفالات.
عندما تتزوج المرأة تعطيها سيدات العائلة خيمة على سبيل المهر، وغالباً ما تحتفظ المرأة بهذه الخيمة طوال حياتها. يؤمن الطوارق أن المنزل ملك للمرأة.
تملك المرأة أيضاً جميع المواشي والحيوانات، وقد يرجع ذلك إلى أن الرجال يسافرون كثيراً. أما أثمن ما يملكه الرجل فهو جمله وسيفه، ويقدر الرجال هذه الممتلكات كثيراً حيث أنها ما يساعدهم على السفر.
حياة البربر
يعيش الطوارق في بيوت أقرب للخيام، وينشئون هذه البيوت عن طريق غرس عوارض خشبية في الأرض وتغطيتها بالقماش، ومن أجل حمايتهم من رمل الصحراء والحفاظ على شيء من البرودة داخل المنزل يغطون الحوائط القماشية من الداخل بأبسطة مصنوعة من القش.
ويؤمن الطوارق بأهمية تعليم جميع أفراد القبيلة، فيتعلم جميع الأطفال القراءة والكتابة وتعاليم القرآن منذ صغرهم.
قبيلة الطوارق هي واحدة من القبائل القليلة في العالم التي تعتمد نظام النسب الأمومي، إذ يرجع نسب الطفل لأمه وليس لأبيه.
واحد من أهم مصادر الدخل للطوارق هو بيع المشغولات الفنية واليدوية التي يصنعونها، مثل المجوهرات وسروج الدواب المصنوعة من الجلد والمعدن وكذلك الأسلحة التقليدية المحفورة بدقة وفن مثل السيوف ذات الحدين ، والخناجر المغلفة ، وكذلك رماح حديدية ، ودروع جلدية.
طعام الطوارق
نادراً ما يأكل الطوارق اللحم، ولا يرجع ذلك لكونهم نباتيين ولكن لأن الماشية أثمن من أن يتم ذبحها سريعاً. ولذلك يأكلون اللحم في الإحتفالات والأفراح.
و يعوضون ذلك بأكل أنواع اخرى من البروتين مثل اللبن والجبن، كما يحتوي غذائهم على الكثير من التمر والبطيخ الصحراوي.
كما يصنعون مشروباً خاصاً للمناسبات يدعى أغاجيرا وهو مشروب يصنع بسحق وخلط الدخن، والجبن، والتمر، والحليب، والسكر.
موسيقى ورقص
يقيم الطوارق حدثًا سنويًا يسمى Festival de l’Aïr. يحتفل هذا المهرجان بثقافة الطوارق من خلال الرقص والشعر والموسيقى. الرجال العاملون فقط هم من يشاركون في احتفالات الرقص ، ونساء الطوارق لا يرقصن أمام الغرباء والنبلاء لا يرقصون ، خوفًا من الظهور بمظهر غير لائق
اكتسبت موسيقى الطوارق بعض الاهتمام الدولي من خلال المشهد الموسيقي “موسيقى الروك الصحراوي” ، وخاصة فرق مثل Tinariwen و Tamikrest.